اللهم صل على محمد وال محمد --- aboutaqua@yahoo.it --- اللهم صل على محمد وال محمد

الغضب والعفو وكظم الغيظ

قال الله تعالی:{ والکاظمین الغیظ والعافین عن الناس والله یحب المحسنین } آل عمران ١٣٤
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):« الغضب یفسد الإیمان کما یفسد الخل العسل ».
قال أمير المؤمنين(ع):« واحذر الغضب فإنه جند عظيم من جنود إبليس».
قال الإمام الباقر(ع):« إنّ هذا الغضب جمرة من الشیطان توقد في قلب ابن آدم، وإنّ أحدکم إذا غضب إحمرّت عیناه وانتفخت أوداجه ودخل الشیطان فیه، فإذا خاف أحدکم ذلک من نفسه فلیلزم الأرض، فإنّ رجز الشیطان لیذهب عنه عند ذلک ».
وقال الإمام الصادق(ع):« الغضب مفتاح کل شرّ».
قال إبليس(عليه اللعنة):« الغضب وهقي ومصيادي ، وبه أصدّ خيار الخلق عن الجنة وطريقها ».
الغضب حالة نفسانیة یحدث بواسطتها في القلب غلیان الدم للإنتقام، فإذا اشتدّت هذه الحرکة، تشتعل نار الغضب وتمتلأ الشرایین والدماغ من دخان مظلم مظطرب، ینحرف بسببه العقل ویتوقف عن الإدراک والرویّة..
والغضب هو من المخاطر العظيمة، التي توقع الإنسان في التهلکة وتوجب فناء دینه ونفسه، إذ یصبح مثل الکلب العقور!
قال الله عز وجل:{ فمن عفا وأصلح فأجره على الله } الشورى٤٠
وقال النبي(ص):« إذا جمع الخلائق يوم القيامة، نادى مناد: أين أهل الفضل؟ فيقوم ناس- وهم يسير- فينطلقون سراعا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة فيقولون: إنا نراكم سراعا إلى الجنة ؟ فيقولون: نحن أهل الفضل. فيقولون: ما كان فضلكم ؟ فيقولون: كنا إذا ظلمنا صبرنا ، وإذا أسيء إلينا عفونا ، وإذا جهل علينا حلمنا . فيقال لهم أدخلوا الجنة فنعم أجر العالمين ».
قال الإمام علي(ع):« كان النبي(ص) لا يغضب للدنيا ، وإذا أغضبه الحق ، لم يصرفه أحد ولم يقم لغضبه شيء ، حتى ينتصــر له ».
قال الإمام الباقر(ع):« مكتوب في التوراة، فيما ناجى الله به موسى: أمسك غضبك عمن ملكتك عليه، أكف عنك غضبي ».
وقال أيظا(ع):« ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ».
قال بعض الحكماء:« السفينة التي وقعت في اللجج الغامرة ، واضطربت بالرياح العاصفة، وغشيتها الأمواج الهائلة ، أرجى إلى الخلاص من الغضبان الملتهب ».
الغضب في حد ذاته هو نعمة من نعم الله علی الإنسان، إذ له فوائد جمّـة ما لم یتعدّی حدّي الإفراط والتفریط ! فلا یجب أن تثور ثائرتنا لأتفه الأسباب ولا أن نقتل هذه الغریزة في أنفسنا بالکامل، لأننا سنصاب وقتها بالخنوع وتحمّل الظلم والإستسلام وانعدام الغیرة...
المجنون هو أسرع غضبا من العاقل، والمريض أسرع غضبا من الصحيح، والشيخ الهرم أسرع غضبا من الشاب، والمرأة أسرع غضبا من الرجل ، وصاحب الأخلاق السيئة أسرع غضبا من صاحب الفضائل !
فالساذج یغضب لأتفه الأشياء، فیغضب حتى علی الریح والمطر بل على القلم والکتاب فیمزقها أو یحطمها ! أما ذوالنفس القوية المتصفة بالفضيلة، هو أجل شأنا من أن يتغير ويضطرب لمثل هذه الأمور، بل هو كالطود الشامخ لا تحركه العواصف، وإذا غضب فإنه يغضب بمقدار وینتقم بعقل، ویعرف متی وکیف ینتقم، ویزن أعماله بمیزان العقل والشرع حتی لا یندم !
قال الله سبحانه:{ وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم } النور ٢٢
قال رسول الله(ص):« ألا أخبرکم بخیر خلائق الدنیا والآخرة ؟ العفو عمـّن ظلمک، وتصل من قطعک، والإحسان إلی من أساء إلیک، وإعطاء من حرمک ».
قال أمير المؤمنين(عليه السلام):« أولی الناس بالعفو، أقدرهم علی العقوبة ».
وقال أيظا(عليه السلام):« إذا قدرت علی عدوک، فاجعل العفو شکرا للقدرة علیه ».
قال الإمام الصادق(ع):« أوحی الله عز وجل إلی بعض أنبیاءه: یا ابن آدم، أذکرني في غضبک أذکرک في غضبي لا أمحقک في من أمحق، وإذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لک، فإنّ إنتصاري لک خیر من إنتصارک لنفسک ».
كظم الغيظ: هو التحلم( أي تكلف الحلم )، والذي إذا ما واظب عليه العبد مدة، تحدث بعد ذلك إنشاء الله، صفة الحلم الطبيعية، بحيث لا يهيج به الغضب حتى يحتاج إلى كظمه.
والحلم هو طمأنينة النفس، بحيث لا يحركها الغضب بسهولة ولا يزعجه المكروه بسرعة، وهو الضد الحقيقي للغضب، لأنه المانع من حدوثه. ومن لم يكن حليما بالطبع، لا بد له من السعي في تعلم كظم الغيظ عند هيجانه ، حتى تحصل له صفة الحلم .
قال سيد الرسل(ص):«.. وتجرع الغيظ ، فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة ولا ألذ مغبة. ولن لمن غالظك ، فإنه يوشك أن يلين لك. وخذ على عدوك بالفضل فإنه أحلى الظفرين، ولا يكبرن عليك ظلم من ظلمك ، فإنه يسعى في مضرته ونفعك ».
وقال أيظا(ص):« إنما العلم بالتعلم ، والحلم بالتحلم ».
قال الإمام علي(ع):« إنّ أول عوض الحليم من خصلته ، أنّ الناس أعوانه على الجاهل ».
وقال الإمام الباقر(ع):« من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه ، حشا الله تعالى قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة ».
قال الرضا(ع):« لا يكون الرجل عابدا، حتى يكون حليما ».
وقال الإمام السجاد(ع):« وما تجرعت جرعة أحب إلي من جرعة غيظ لا أكافي بها صاحبها ».
ويروى أنّ جارية للسجاد(ع) تحمل الإبريق وتسكب عليه الماء ليتوضأ، فوقع ما في يدها على وجهه الشريف فشجه ، فرفع رأسه إليها لائما، فقالت: إن الله تعالى يقول:" والكاظمين الغيظ ". فقال: « قد كظمت غيظي». فقالت:" والعافين عن الناس". فقال:« عفا الله عنك ». فقالت:" والله يحب المحسنين ". قال(ع):« أنت حرة لوجه الله » !
علی الإنسان أن يتفكر في السبب الذي يدعوه إلى الغضب وحب الإنتقام، فإن كان الخوف من الإتصاف بالعجز والذلة والمهانة وصغر النفس عند الناس ، فليعلم أنّ الحلم وكظم الغيظ ليس ذلة ومهانة، بل هو من آثار قوة النفس وشجاعتها.
على المرئ أن یعالج الغضب قبل أن یشتعل ویرتفع سعیره فیشغل نفسه بأمور أخری، مثل أن یغادر المکان أو یذکر الله أو إذا کان واقفا یجلس أو بالعکس..
قال الله تعالى:{ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين، وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم، إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } الأعراف ١٩٩ ـ ٢٠١
قال النبي(ص):« علیکم بالعفو، فإنّ العفو لا یزید العبد إلا عزّا، فتعافوا یعزکم الله ».
وقال أيظا(ص):« أفضل الناس عند الله منزلة وأقربهم من الله وسيلة ، المحسن يكفر إحسانه ».
قال أمير المؤمنين(ع):« إنّ مقابلة الإساءة بالإحسان وتغمد الجرائم بالغفران، لمن أحسن الفضائل وأفضل المحامد ».
وقال أيظا(ع):« أحسن إلى المسيء ، تملكه ».
قال الإمام الصادق(ع):« وأیّـما رجل غضب علی ذي رحم فلیدن منه فلیمسه، فإنّ الرحم إذا مُسّـت سکنت ».
قال الإمام الکاظم(ع):« إن أتاکم آت فأسمعکم في الأذن الیمنی مکروها، ثم تحول إلی الأذن الیسری فاعتذر وقال لم أقل شیئا، فاقبلوا عذره ».
یا أبوتقوی: إن کنت تعتقد بأنّ لك علی الناس حقوق ومظالم یجب علیهم تأدیتها إلیک، وتسعی للإنتقام منهم، فلا تنسی یرحمک الله، بأنّ هناک خلق کثیر لهم علیک حقوق ومظالم یجب تأدیتها أنت إلیهم..!
عليك بالعفو والصفح ، فإذا ما أنت أحسنت إلی من أساء إلیک، فالله الکریم أولی بالإحسان.. فسیکافئک علی مساویک بالعفو عنک إنشاء الله .
قال سبحانه وتعالى:{ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خیر للصابرین } النحل ١٢٦
قال النبي(ص):« من أحب السبل إلى الله جرعتان: جرعة غيظ تردها بحلم، وجرعة حزن تردها بصبر..».
وصلى الله على رسوله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.

ليست هناك تعليقات: