اللهم صل على محمد وال محمد --- aboutaqua@yahoo.it --- اللهم صل على محمد وال محمد

النفاق والحسد

قال الله تعالی:{ إنّ المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ، مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا } النساء ١٤٣
قال رسول الله(ص):« أربع من كن فيه كان منافقا ، ومن كانت فيه خلة منهن، كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ».
قال الإمام الباقر(ع):« لبئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهدا ويأكله غائبا، إن أعطي حسده وإن ابتلي خذله »
جاء في حديث قدسي:« يا عيسى، ليكن لسانك في السر والعلانية لسانا واحدا ، وكذلك قلبك ، إني أحذرك نفسك وكفى بي خبيرا ! لا يصلح لسانان في فم واحد، ولا سيفان في غمد واحد، ولا قلبان في صدر واحد ، وكذلك الأذهان »!
النفاق هو: أن تبدي للناس عکس ما یکون في باطنک وسریرتک بالقول والفعل، ولا ريب في أنه من المهلكات العظيمة .
واعلم يا أبو تقوى، أنّ أشد أنواع النفاق، كون الرجل ذا وجهين ولسانين، بأن يمدح أخاه المسلم في حضوره ويظهر له المحبة والنصيحة ، ويذمه في غيبته ويؤذيه بالسب والسعاية إلى الظالمين وهتك عرضه وإتلاف ماله وغير ذلك.. وبأن يتردد بين متعاديين ويتكلم لكل واحد بكلام يوافقه، ويحسّـن لكل واحد منهما ما هو عليه من المعاداة مع صاحبه ويمدحه على ذلك، أو يعد كل واحد منهما أنه ينصره ، أو ينقل كلام كل واحد إلى الآخر.. الخ
قال الله عز وجل:{ إنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا } النســاء ١٤٥
قال النبي(ص):« يجيء يوم القيامة ذو الوجهين دالعا لسانه في قفاه ، وآخر من قدامه يلتهبان نارا حتى يلهبا جسده ، ثم يقال: هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين وذا لسانين، يعرف بذلك يوم القيامة ».
قال أمير المؤمنين(ع):« إنّ الإيمان يبدو لمظة بيضاء في القلب ، فكلما إزداد الإيمان، إزداد ذلك البياض حتى يبيض القلب كله ، وإنّ النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب ، فكلما إزداد النفاق، إزداد بذلك السواد حتى يسود القلب كله ، وأيـّم الله لو شققتم عن قلب مؤمن لوجدتموه أبيض، ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه أسود ».
قال الإمام الصادق(ع):« إستماع اللهو والغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ».
من أبتلي بذي شر يخاف شره ، يجوز أن يجامله ويتقيه ويظهر له في حضوره من المدح والمحبة ما لم يعتقد به قلبه ، وهو معنى المداراة ، وهو وإن كان نفاقا، إلا أنه جائز شرعا للعذر. قال تعالى:{ ادفع بالتي هي أحسن السيئة }. وروي أنه إستأذن رجل على رسول الله(ص) فقال:« إئذنوا له فبئس رجل العشيرة . فلما دخل ألان له القول، حتى ظن أنّ له عنده منزلة . فلما خرج ، قيل له: لما دخل قلت الذي قلت، ثم ألنت له القول؟! فقال: إنّ شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة، من أكرمه الناس إتقاء لشره ».
ويدل على جواز ذلك جميع أخبار التقية وأخبار المداراة..
قال بعض الصحابة:« كنا نبشر في وجوه أقوام نلعنهم بقلوبنا »!
قال سبحانه وتعالى:{ ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم } محمد(ص) ٣٠
قال رسول الله(ص):« لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ، وكونوا عباد الله إخوانا ».
قال الإمام علي(ع):« الحسد لا يجلب إلا مضرة وغيظا ، يوهن قلبك ويمرض جسمك ، وشر ما استشعر قلب المرء ، الحسد ».
قال الإمام الصادق(ع):« الحاسد مضر بنفسه قبل أن يضر بالمحسود، كإبليس أورث بحسده لنفسه اللعنة ، ولآدم الإجتباء والهدى والرفع إلى محل حقائق العهد والإصطفاء . فكن محسودا ولا تكن حاسدا، فإنّ ميزان الحاسد أبدا خفيف بثقل ميزان المحسود، والرزق مقسوم ، فماذا ينفع الحسد الحاسد ، وماذا يضر المحسود الحسد ؟! والحسد أصله من عمى القلب والجحود بفضل الله تعالى، وهما جناحان للكفر، وبالحسد وقع ابن آدم في حسرة الأبد وهلك مهلكا لا ينجو منه أبدا ، ولا توبة للحاسد ، لأنه مصر عليه معتقد به مطبوع فيه ، يبدو بلا معارض به ولا سبب ، والطبع لا يتغير عن الأصل وإن عولج ».
ورد في حديث قدسي:« إنّ الحاسد عدو لنعمتي ، متسخط لقضائي ، غير راض بقسمتي التي قسمت بين عبادي ».
الحسد هو: تمني زوال النعمة عن صاحبها ، وتمنيها لنفسه .
والغبطة ضد الحسد وهو أن يريد مثل تلک النعمة ، ولكن من دون تمني زوالها عنه .
والحسد من أشد الأمراض وأصعبها ، وأسوأ الرذائل وأخبثها ، ويؤدي بصاحبه إلى عقوبة الدنيا وعذاب الآخرة ، لأنه في الدنيا لا يخلو لحظة عن الحزن والألم ، إذ هو يتألم بكل نعمة يرى لغيره ، ونعم الله تعالى غير متناهية لا تنقطع عن عباده ، فيدوم حزنه وتألمه ، فوبال حسده يرجع إلى نفسه ، ولا يضر المحسود أصلا !
قال الله تعالى:{ ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم } البقرة ١٠٩
قال النبي(صلى الله عليه وآله):« إياكم والحسد ، فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ».
قال أمير المؤمنين(ع):« الحسد عيب فاضح ، ووشح قادح ، لا يشفي صاحبه ، إلا بلوغ أمله فيمن يحسده ».
قال الإمام الصادق(ع):« بينما موسى ابن عمران يناجي ربه ويكلمه، إذ رآى رجلا تحت ظل عرش الله ، فقال: يا رب، من هذا الذي أظله عرشك ؟ فقال: يا موسى، هذا ممن لم يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ».
قال بعض الحكماء:« الحاسد لا ينال من المجالس إلا مذمة وذلا ، ولا من الملائكة إلا لعنة وبغضا ، ولا ينال من الخلق إلا جزعا وغما ، ولا ينال عند النزع إلا شدة وهولا ، ولا ينال عند الموقف إلا فضيحة ونكالا ».
قال الشاعر:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه..........فالكل أعداء له وخصــــوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها..........حسدا وبغيا إنه لدميــــــم !
ضدّ الحسد،(النصيحة)، وهي إرادة بقاء نعمة الله على أخيك المسلم مما له فيه صلاح ، وكراهة وصول الشر إليه ، وإرشاده إلى ما فيه مصلحته وسعادته .
والمعيار في كونك ناصحا: هو أن تريد لأخيك ما تريد لنفسك ، وتكره له ما تكره لنفسك. وفي كونك حاسدا: هو أن تريد له ما تكره لنفسك ، وتكره له ما تريد لنفسك .
ومن أحب الخير والنعمة للمسلمين ، كان شريكا في الخير، بمعنى أنه في الثواب كالمنعم وفاعل الخير. وقد ثبت من الأخبار، أنّ من لم يدرك درجة الأخيار بصالحات الأعمال ، ولكنه أحبهم ، يكون يوم القيامة محشورا معهم إنشاء الله !
قال الحق سبحانه:{ ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إنّ الله كان بكل شيء عليما } النساء ٣٢
قال رسول الله(ص):« إنّ أعظم الناس منزلة عند الله يوم القيامة ، أمشاهم في أرضه بالنصيحة لخلقه ».
قال الإمام علي(ع):« ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم، من الحاسد: نفس دائم ، وقلب هائم ، وحزن لازم ».
وقال أيظا(عليه السلام):« خلوّ الصدر من الغل والحسد ، من سعادة المتعبد ».
جاء في حديث قدسي:« يا ابن عمران، لا تحسدنّ الناس على ما آتيتهم من فضلي ، ولا تمدن عينيك إلى ذلك ولا تتبعه نفسك ، فإنّ الحاسد ساخط لنعمي ، صاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي ، ومن يك كذلك ، فلست منه وليس مني ».
قال بعضهم:« كل الناس أقدر أن أرضيهم ، إلا الحاسد فإنه لا يرضيه إلا زوال نعمتي » !
قد علمت ـ يا أبو تقوى ـ أنّ المنافسة والغبطة هي تمني مثل ما للمغبوط ، من غير أن يريد زواله عنه ، وهي ليست مذمومة ، وعليها يحمل قول النبي(ص):« لا حسد إلا في اثنين: رجل آتاه الله مالا، فسلطه على ملكه في الحق. ورجل آتاه الله علما، فهو يعمل به ويعلمه الناس ». أي لا غبطة إلا في ذلك .
أما إذا أصاب النعمة كافر أو فاجر، وهو يستعين بها على تهييج الفتنة، وإيذاء الخلق وإفساد ذات البين ، فلا مانع من كراهتها عليه وحب زوالها منه ، من حيث أنها آلة للفساد لا من حيث أنها نعمة.
قال الله عز وجل:{ إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إنّ الله بما يعملون محيط } آل عمران ١٢٠
قال النبي(صلى الله عليه وآله):« إستعينوا على حوائجكم بالكتمان، فإنّ كل ذي نعمة محسود ».
قال لقمان الحكيم:« يا بني، إحذر الحسد فلا يكونن من شأنك ، واجتنب سوء الخلق ولا يكونن من طبعك ، فإنك لا تضر بهما إلا نفسك ، وإذا كنت أنت الضار لنفسك، كفيت عدوك أمرك ، لأنّ عداوتك لنفسك، أضرّ عليك من عداوة غيرك ».
قال الإمام الصادق(ع):« لما هبط نوح(ع) من السفينة ، أتاه إبليس فقال له: ما في الأرض رجل أعظم منة عليّ منك ، دعوت الله على هؤلاء الفساق فأرحتني منهم، ألا أعلمك خصلتين ؟ إياك والحسد، فهو الذي عمل بي ما عمل، وإياك والحرص، فهو الذي عمل بآدم ما عمل ».
ومن حكم أمير المؤمنين(ع): « ليس لحسود خلة ». « الحسد مقنصة ابليس الكبرى ». « الحسد ينكد العيش ». « الحسود أبدا عليل ». « الحسد ينشئ الكمد ». « الحسود لا يسود ». « لله در الحسد ما أعدله ! بدأ بصاحبه فقتله ».
قال أبو تمام:
وإذا أراد الله نشر فضيلــــة..........طويت، أتاح لها لسان حسـود !
قال الله تعالى:{ قل أعوذ برب الفلق ، من شرّ ما خلق ، ومن شرّ غاسق إذا وقب ، ومن شرّ النفاثات في العقد ، ومن شرّ حاسد إذا حسد } سورة الفلق
وصلى الله على رسوله وآل بيته الطاهرين الطيبين .

ليست هناك تعليقات: