اللهم صل على محمد وال محمد --- aboutaqua@yahoo.it --- اللهم صل على محمد وال محمد

بـــر الـوالــــــدين

قال الله تعالى:{ ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلىّ المصير وإن جاهداک علی أن تشرک بي ما لیس لک به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنیا معروفا واتبع سبیل من أناب إليّ ثم إليّ مرجعکم فأنبئکم بما کنتم تعملون } لقمان ١٥
قال رسول الله(ص):« رضاء الله مع رضاء الوالدين ، وسخط الله مع سخط الوالدين ».
قال رجل للنبي(ص): يا رسول الله، أوصني، فقال(ص):«لا تشرك بالله شيئا وإن حرقت بالنار وعذبت، إلا وقلبك مطمئن ، ووالديك فأطعهما وبرّهما حيين كانا أو ميتين، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل، إنّ ذلك من الإيمان ».
قال الإمام الصادق(ع):« إذا كان يوم القيامة كشف الله غطاء من أغطية الجنة، فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام إلا صنف واحد، قیل: من هم ؟ قال: العاق لوالديه ».
برّ والــــده: برّ يبره برا فهو بار، أي یطیعه .
وعق والده: يعقه عقوقا فهو عاق إذا آذاه وعصاه وخرج عليه .
جاء رجل إلى النبي(ص) فقال: إنّ لي مالا وعيالا، وإنّ لأبي مالا وعيالا، وهو يريد أن يأخذ مالي! فقال له النبي(صلى الله عليه وآله وسلم):« أنت ومالك لأبيك ».
وأتى شيخ إلى النبي(ص) فقال: إنّ إبني هذا له مال كثير، وإنه لا ينفق عليّ من ماله، فنزل جبرئيل(ع)، فقال: إنّ هذا الشيخ قد أنشأ أبياتا فآستنشدها منه ، فآستنشده النبي(ص)،

فأنشد الشيخ :
غذوتك مولودا ومنتك يافعـــــــا..........تعل بما أجني عليك وتنهـــل
إذا ليلة نابتك بالسقم لم أبـــــــت..........لشكواك إلا ساهرا أتملمــــل
كأني أنا المطروق دونك بالـذي..........طرقت به دوني فعيني تهمـل
تخاف الردى نفسي عليك وإنني.........لأعلم أنّ الموت حتم مؤجـــل
فلما بلغت السن والغاية التـــــي..........إليها مدى ما كنت فيك أؤمـل
جعلت جزائي غلظة وفضاضة.............كأنك أنت المنعم المتفضــــل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتـــــــي..........فعلت كما الجارالمجاوريفعـل
فغضب رسول الله(ص)، وقال:« أنت ومالك لأبيك ».
قال الإمام الباقر(ع):« إنّ العبد ليكون بارا بوالديه في حياتهما ثم يموتان فلا يقضي عنهما دينهما، ولا يستغفر لهما ، فيكتبه الله عزوجل عاقا ، وإنه ليكون عاقا لهما في حياتهما غير بار بهما ، فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما، فيكتبه الله عزوجل بارا ».
أتى رجل رسول الله(ص) فقال: يا رسول الله، إني راغب في الجهاد نشيط ، فقال له النبي(ص):« فجاهد في سبيل الله، فإنك إن تقتل تكن حيا عند الله ترزق، وإن تمت فقد وقع أجرك على الله، وإن رجعت، رجعت من الذنوب كما ولدت ». قال: يا رسول الله، إنّ لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي! فقال رسول الله(ص):« فقر مع والديك، فوالذي نفسي بيده لأنسهما بك يوما وليلة ، خير من جهاد سنة ».
من الآداب الواجب مراعاتها مع الوالدين هو: أن تستعمل ما أمكنك من الرفق معهما والتذلل والرحمة والشفقة علیهما، وترک ما يفهم منه غضبهما وانكسار خاطرهما، وأن تقوم لهما عن مجلسک، ولا تقوم إلى خدمتهما عن كسل، وأن لا ترفع صوتك عليهما، ولا تنظرإليهما شزرا، وأن تترحّم عليهما، وتدعو لهما إذا ماتا، وأن تقوم بخدمة أودّائهما من بعدهما..
قال سبحانه وتعالى:{ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب إرحمهما كما ربياني صغيرا } الإسراء ٢٤
قال النبي(ص):« لوعلم الله شيئا من العقوق أدنى من أف لنهى عن ذلك ، فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة ، وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخلن النار».
وقال أيظا(ص):« النظر إلى وجه الوالدين، عبادة ». « الجنة تحت أقدام الأمهات ». « من أحزن والديه فقد عقهما».
قيل للإمام زين العابدين(ع): أنت أبر الناس، ولا نراك تواكل أمك؟! قال:« أخاف أن أمد يدي إلى شيء ، وقد سبقت عينها عليه ، فأكون قد عققتها ».
قال الشاعر:
طفل يتيم أقض الجوع مضجعـــه..........ملوع القلب قد أودى به الخـور
قد مات والده فأظلم مكتئـبـــــــــا...........أفق الرجاء عليه مذ خبا القمـر
من كان يرويه من سلسال عبرته...........كأنه زهرة والمدمع المطــــــر
وكان يفرش خديه بمضجعـــــــه...........كيلا يعفر منه الخد والشعـــــر
وينصب القلب دولابا بملعبـــــــه...........فحيث مال يميل القلب والبصر
فلا وساد سوى زند ومعصمـــــه...........ولا أرائك إلا الصدر والســرر
ولا يطيب له من عيشه وطـــــــر..........حتى يطيب له من عيشه وطـر
ولا ترق له نجوى ولا سمــــــــر..........إن لم يكن باسمه نجواه والسمر
وليس يطبق جفنيه على سنـــــــة...........حتى يلطف من أحلامه السحـر
وليس يملأ نور الصبح ناظــــره...........إن لم يكن من سناه يملأ النظــر
وليس يفتر ثغر منه مبتسمــــــــا...........حتى يراه لعيبا وهو مبتشـــــــر
وليس تنعشه في الروض عابقــة...........إن لم يكن بشذاه يعبق الزهــــر
وهكذا كان ينمو في رعايتــــــــه...........وعطفه وهو لا يبقي ولا يــــذر

جاء رجل إلى النبي(ص) فقال:« يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال:أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك ».
کان رجل من النساک یقبل کل یوم قدم أمه، فأبطأ یوما علی إخوته، فسألوه، فقال: کنت أتمرغ في ریاض الجنة، فقد بلغنا أنّ الجنة تحت أقدام الأمهات !
قال الإمام الصادق(ع):« كان أبي(ع) يقول: نعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء، وتقرّب الآجال، وتخلي الديار: وهي قطيعة الرحم، والعقوق، وترك البر ».
ورد في الخبر:« أنّ أول ما كتب الله في اللوح المحفوظ: إني أنا الله لا إله إلا أنا ، من رضي عنه والداه فأنا منه راض ، ومن سخط عليه والداه فأنا عليه ساخط ».
من وصايا الإسلام بالوالدين: أن لا تقل لهما حتى كلمة(أف)، ولا تنهرهما وإن أضجراك أو ضرباك، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، ولا تتقدمهما، ولا تستسبهما (بأن تسب أبا غيرك وأمه فيسب أباك وأمك)، ولا تفعل ما يؤذي نفسك أو صديقهما فإنّ ذلك يؤذيهما، ولا تسافر إلا بإذنهما.. وإیاک وأمک فإنّ بطنها کان منزلا قد سكنته، وحجرها مهدا قد غمرته، وثديها وعاء قد شربته !
قال رجل لرسول الله(ص): إنّ والدتي بلغها الكبر، وهي عندي الآن، أحملها على ظهري، وأطعمها من كسبي، وأميط عنها الأذى بيدي، وأصرف عنها مع ذلك وجهي إستحياء منها وإعظاما لها، فهل كافأتها ؟ قال(ص):« لا، لأنّ بطنها كان لك وعاء، وثديها كان لك سقاء ، وقدمها لك حذاء، ويدها لك وقاء، وحجرها لك حواء، وكانت تصنع ذلك لك وهي تمنى حياتك، وأنت تصنع هذا بها وتحب مماتها ».
قال الصادق(ع):« ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله تعالى: دعاء الوالد لولده إذا برّه ، ودعوته عليه إذا عقه... ».
سأل رجل النبي(ص): ما حق الوالد على ولده ؟ قال:« أن لا يسميه بإسمه، ولا يمشي بين يديه، ولا يجلس قبله، ولا يستسب له ».
وقال الصادق(ع):« إنّ صوم الولد تطوعا بدون إذن الوالد ، من العقوق ».
قال الإمام الرضا(ع):«.. ولا يمين لولد مع الوالدين ».
قال النبي(ص):« إذا كنت في صلاة التطوع ، فإن دعاك والدك فلا تقطعها ، وإن دعتك والدتك فاقطعها ».
قال أمير المؤمنين(ع):« بروا آباءكم ، يبركم أبناؤكم ».
يروى أنه كان من برّ أحدهم، أن طلب منه والده أن يسقيه ماء ، فلما أتاه بالشربة وجده قد نام ، فما زال الولد واقفا والشربة في يده إلى الصباح حتى إستيقظ أبوه من نومه !
سئل صلى الله عليه وآله: ما حق الوالد ؟ قال:« أن تطيعه ما عاش. فقيل وما حق الوالدة ؟ فقال(ص): هيهات هيهات، لو أنه عدد رمل عالج ، وقطر المطر أيام الدنيا ، قام بين يديها ، ما عدل ذلك يوم حملته في بطنها ».
قال الإمام السجاد(ع):« فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا، وأنها وقتك بسمعها وبصرها، ويدها ورجلها، وشعرها وبشرها، وجميع جوارحها، مستبشرة بذلك فرحة ووابلة، محتملة لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمها، حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض، فرضيت أن تشبع وتجوع هي، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمى، وتظلك وتضحى، وتنعمك ببؤسها، وتلذذك بالنوم بأرقها، وكان بطنها لك وعاء، وحجرها لك حواء، وثديها لك سقاء، ونفسها لك وقاء، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها على قدر ذلك، ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه. وأما حق أبيك، فتعلم أنه أصلك وأنت فرعه، وأنك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك، فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، واحمد الله واشكره على قدر ذلک. ولا قوة إلا بالله ».
قال بعض الشعراء:
أغرى إمرء يوما غلاما جاهـــــلا..........في أمره حتى ينال به الوطــــــــر
قال إئتني بفؤاد أمـــــك يا فتــــــى.........ولك الجوائز والجواهر والـــــدرر
فمضى وأغرز خنجرا في صدرها.........والقلب أخرجه وعاد على الأثــــر
لكنه من فرط سرعته هــــــــــوى..........فتمزق القلب المعفر إذ عثــــــــــر
ناداه قلب الأم وهـــو معـفــــــــــر.........ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر
فنظم بعضهم أبياتا تبين حالة الغلام بعد عطف القلب عليه:
فكأنّ هذا الصوت رغم حنـــــــوه..........غضب السماء به على الولدإنهمر
ودرى فظيع خيانة لم يأتــهــــــــا...........ولد سواه منذ تاريخ البشــــــــــر
فآرتد نحو القلب يغسله بمــــــــاء...........فاضت به عيناه من سيل العبـــر
ويقول يا قلب انتقم منـــــــــي ولا..........تغفر فإنّ جريمتي لا تغتفـــــــــر
وإذا صفحت فإنني أقضي إنتحارا.........مثل ما(يوضاص) من قلبي انتحر
وآستل خنجره ليطعن قلبـــــــــــه...........طعنا فيبقى عبرة لمن اعتبـــــــر
ناداه قلب ( الأم ) كف يــــــدا ولا..........تذبح فؤادي مرتين على الأثــــــر
ونختم بدعاء الإمام السجاد(ع)لأبویه:« اللهم إجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف، وأبرهما برّ الأم الرؤوف، واجعل طاعتي لوالديّ وبري بهما، أقر لعيني من رقدة الوسنان، وأثلج لصدري من شربة الظمآن، حتى أوثر على هواي هواهما ».
قال الله تعالی:{ ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كـُرها ووضعته کـُرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } الأحقاف ١٥
وصلى الله على رسوله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
ولا عدوان إلا على الظالمين .

ليست هناك تعليقات: