اللهم صل على محمد وال محمد --- aboutaqua@yahoo.it --- اللهم صل على محمد وال محمد

الصــداقة والاخـــوة

قال الله تعالی:{ واعتصموا بحبل الله جمیعا ولا تفرقوا واذکروا نعمة الله علیکم إذ کنتم أعداء فألف بین قلوبکم فأصبحتم بنعمته إخوانا } آل عمران ١٠٣
قال رسول الله(ص) لعلي(ع):« لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك ، وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أم قبيحة.. وإن أردت قطيعة أخيك ، فاستبق له من نفسك بقية يرجع إليها إن بدا له ذلك يوما ما، ولا تضيعن حق أخيك إتكالا على ما بينك وبينه، فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه، ولا ترغبن فيمن زهد فيك ، ولا يكونن أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته ، ولا يكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان ».
سُـئل أمير المؤمنين(ع) عن الإخوان فقال:« الإخوان صنفان: إخوان الثقة وإخوان المكاشرة ، فأما إخوان الثقة فهم الكف والجناح والأهل والمال ، فإذا كنت من أخيك على حد الثقة ، فابذل له مالك وبدنك، وصاف من صافاه ، وعاد من عاداه ، واكتم سره وعيبه ، وأظهر منه الحسن، واعلم أيها السائل أنهم أقل من الكبريت الأحمر. وأما إخوان المكاشرة ، فإنك تصيب لذتك منهم ، فلا تقطعنّ ذلك منهم، ولا تطلبنّ ما وراء ذلك من ضميرهم ، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان ».
قال الإمام الصادق(ع):« المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إن إشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، وأرواحهما من روح واحدة، وأنّ روح المؤمن لأشد إتصالا بروح الله من إتصال شعاع الشمس بها، ودليله لا يحزنه، ولا يظلمه ولا يغتابه، ولا يعده عدة فيخلفه ».
قال الشاعر:
أخاك أخاك إنّ من لا أخا لــــــه...........كساع إلى الهيجا بغير ســــلاح
وإنّ ابن عم المرء فاعلم جناحـه..........وهل ينهض البازي بغير جناح
الأخوة نوعان: إخاء وتآخي. فالإخاء هو الإنتساب المعروف بجامع الأبوة بين الأخوين. والتآخي هو إصطناع الأخلاء والثقاة وتنزيلهم منزلة الإخوة الصلبيين، قصد التعاون والتعاضد في الأمور الدينية والدنيوية. وأعلا أقسامه وأشرفها ما كان سببه الأوحد وداعيه الأكمل هو الواعز الديني، ولذا قال بعض الفلاسفة: لا أحب أخي حتى يكون صديقي" !
فالأخ للإنسان يد تبسط ، وظهر يستند إليه ، وسلاح يدافع به في معترك الحياة ، وقوة يستعين بها على مناهضة الأيام ومغالبة الخطوب .
قال سبحانه وتعالی:{ إنّما المؤمنون إخوة فأصلحوا بین أخویکم واتقوا الله لعلکم ترحمون } الحجرات ١٠
قال رسول الله(ص):« المرء علی دین خلیله ، فلینظر أحدکم من یخالل ».
وقال أيظا(ص):« ما آصطحبا إثنان ، إلا کان أعظمهما أجرا وأحبهما إلی الله ، أرفقهما بصاحبه ».
قال الإمام الصادق(ع):« مودّة یوم صلة ، ومودة شهر قرابة ، ومودة سنة رحم ماسة. من قطعها قطعه الله ».
قال الإمام الرضا(ع):« من إستفاد أخا في الله عز وجل ، إستفاد بيتا في الجنة ».
قال الإمام السجاد(ع):« وحق أخيك أن تعلم أنه يدك التي تبسطها، وظهرك الذي تلتجئ إليه ، وعزك الذي تعتمد عليه ، وقوتك التي تصول بها، فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ، ولا عدة للظلم لخلق الله ، ولا تدع نصرته على نفسه ، ومعونته على عدوه والحول بينه وبين شياطينه ، وتأدية النصيحة إليه والإقبال عليه في الله ، فإن إنقاد لربه وأحسن الإجابة له ، وإلا فليكن الله آثر عندك وأكرم عليك منه ».
على الأخ واجبات كثيرة نحو أخيه:
يجب عليه محبته واحترامه وحسن معاملته ، وأن يحب له ما يحب لنفسه ، ويكره له ما يكره لنفسه.
يجب أن يكون عضدا ونصيرا لأخيه في كل ملمة ، فيعينه بنفسه وماله ويده ولسانه ، ويسعى لما فيه مصلحته على قدر طاقته .
عليه أن يجتنب معاداة أخيه ، والوقوع معه في مشاحنات أو مخاصمات أو منافسات..
أن لا يشبع ويجوع ، ولا يروى ويظمأ ، ولا يلبس ويعرى ، وأن يكون عينه ودليله ومرآته .
أن يبرّ قسمه ، ويجيب دعوته، ويعود مريضه، ويشهد جنازته، وإذا علم له حاجة يبادره إلى قضائها .
أن يعامل إخوته الأصاغر باللطف والإحسان، وأن يشفق عليهم، ويرشدهم إلى طريق الخير والصواب، ولا يتسبب في ضررهم أو أذاهم، لأن ذلك يسوء والدهم .
عليه أن يعتبر الأخ الأكبر في منزلة الوالد ، فيعامله بالأدب والمعروف ، وأن يذعن لنصائحه ، ويعمل بإرشاداته النافعة.
قال الشاعر:
خير إخوانك المشارك في المـرّ..........وأين الشريك في المرّ أينا
الذي إن شهدت سرك في الناس..........وإن غبت كان أذنا وعيـنا
مثل سرّ العقيان إن مسه النـــار..........جلاه البلاء فازداد زيــــنا
قال رسول الله(ص):« ما آستفاد إمرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الإسلام، مثل أخ يستفيده في الله ».
وقال أيظا(صلى الله عليه وآله):« المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يثلمه ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ».
قال أمير المؤمنين(ع):« ما أحدث الله إخاء بين مؤمنين، إلا أحدث لكل منهما درجة ».
كان الإمام الحسن(ع) جالسا وعنده ميمون بن مهران، قال: فأتى رجل فقال: يا ابن رسول الله ، إن فلانا له علي مال ويريد أن يحبسني . فقال: والله ما عندي مال فأقضي عنك! قال فكلمه. قال: فلبس(ع) نعله، فقلت له: أنسيت إعتكافك ؟ فقال(ع):« لم أنس ولكني سمعت أبي يحدث عن جدي رسول الله(ص) أنه قال: من سعى في حاجة أخيه المسلم، فكأنما عبد الله عز وجل تسعة آلاف سنة صائما نهاره قائما ليله ».
سأل الإمام الباقر(ع) يوما أحد أصحابه قائلا:« أيجئ أحدكم إلى أخيه فيدخل يده في كيسه، فيأخذ حاجته فلا يدفعه ؟ قال: قلت ما أعرف ذلك فينا! فقال(ع): فلا شئ إذن ؟ قلت: فالهلاك إذن، فقال: إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد ».
قال الإمام الصادق(ع):« ما من مؤمن يمشي لأخيه المؤمن في حاجة، إلا كتب الله عز وجل له بكل خطوة حسنة ، وحط عنه بها سيئة ، ورفع له بها درجة ، وزيد بعد ذلك عشر حسنات، وشفع في عشر حاجات ».
" الأخ للشدة يولد " كما قيل! فإذا رأيت ـ يا أبو تقوى ـ أنّ إساءة نزلت بأخيك ، أو ضائقة حلت به.. فأره من نفسك الإستعداد لمناصرته ، ولا تهدأ حتى تزيل غمتها وتنير ظلمتها . وسـرْ معه حتى ينال بك الحق ويرد بك الظلم.. فإذا نجحت في ذلك إستنار وجهك، واستراح ضميرك !
واعلم أنّ إدخالک السرور علی أخیک بقضاء حوائجه، إنتفاعک منه أعظم من نفعک له، فلا تطلب منه نفعا زیادة علی ما نلت.
وإذا أردت أن تقضي حاجة لأخیک المؤمن علی وفق طریقة أهل البیت(ع) فآعلم أنهم قالوا:« إنّ قضاء الحاجة تتمّ بأمور: تصغیرها لتکبر، وتعجیلها لتهنأ، وکتمانها لتظهر».
قال لقمان لإبنه:« يا بني، إتخذ ألف صديق وألف خليل ، ولا تتخذ عدوا واحدا ، الواحد كثير » !
قال الإمام علي(ع):
تكثر من الإخوان ما استطعت فإنهم..........عماد إذا استنجدتهم وظهور
وليس كثيرا ألف خل وصاحـــــــب..............وإنّ عدوا واحدا لكـثــــــير
قال عزّت أسمائه:{ الأخلاء یومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقون} الزخرف ٦٧
قال النبي(ص):« من استفاد أخا في الله، زوجه الله حورا، فقالوا: يا رسول الله، وإن آخى أحدنا في اليوم سبعين أخا ؟ قال: أي والذي نفسي بيده ، لو آخى ألفا لزوجه الله تعالى ألفا ».
قال أمير المؤمنين(ع):« أعجز الناس من عجز عن إكتساب الإخوان ، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم ».
قال الإمام الصادق(ع):« أكثروا من الأصدقاء في الدنيا، فإنهم ينفعون في الدنيا والآخرة : أما الدنيا فحوائج يقومون بها ، وأما الآخرة فإنّ أهل جهنم قالوا : فما لنا من شافعين ، ولا صديق حميم».
قال الإمام الحسن العسكري(ع):« وأعرف الناس بحقوق إخوانه وأشدهم قضاء لها، أعظمهم عند الله شأنا ».
وقال الإمام السجاد(ع):« إنّ الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لأخيه المؤمن بظهر الغيب أو يذكره بخير، قالوا: نعم الأخ أنت لأخيك ! تدعو له بالخير وهو غائب عنك وتذكره بالخير! قد أعطاك الله عز وجل مثلي ما سألت له ، وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه ، ولك الفضل عليه ».
قال علي(عليه السلام):
شیئان لو بکت الدماء علیهمـا..........عیناي حتی تؤذنا بذهـــــــاب
لم یبلغ المعشار من حقیهمـــا...........فقد الشباب وفرقة الأحبـــاب
يا أبو تقوى: یجب عليك أن تسکت عن معایب صدیقک في حضوره وغیبته بل تتجاهلها، وعليك أن تکتم سره وتتجنب إفشاءه حتی لأخص الأصدقاء. وتجنب القدح فیه أو في أهله أو أصدقاءه ، بل علیک أن تتحاشی نقل قدح الآخرین فیه ، ولا تکن عیّابا لمّازا تفتش عن العیوب لتفشیها .
وتحرّی ما أمکنک تعلیم أخیک في الخفاء ، لئلا یفطن الناس إلی جهله فیکون ذلک باعثا علی تخجیله أو فضیحته، وإن وجدت فیه عیبا یخفیه عنک فلا تظهره له. أو وقع بینک وبینه هنة فلا تعیره بذنب..
قال الحواریون لعيسى(ع):« یا روح الله، فمن نجالس إذن ؟ قال: من یذکرکم الله رؤیته ، ویزید في عملکم منطقه ، ویرغبکم في الآخرة عمله ».
قال الصادق(ع):« إنّ المؤمنین إذا التقیا فتصافحا، أقبل الله تعالی علیهما بوجهه ، وتساقطت منهما الذنوب کما یتساقط الورق من الشجر».
قال الشاعر:
هموم رجال في أمور کثیــرة.............وهمي من الدنیا صدیق مساعـــد
يكون روح بين جسمين قسما...........فجسماهما جسمان والروح واحد
قال الله تعالی:{ ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا علی سرر متقابلین } الحجر ٤٧
والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات: