اللهم صل على محمد وال محمد --- aboutaqua@yahoo.it --- اللهم صل على محمد وال محمد

الکــذب والصدق

قال الله تعالى:{ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إنّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون } النحل ١١٦
قال رسول الله(ص):« یا أبا ذر.. وإملاء الخیر خیر من السکوت، والسکوت خیر من إملاء الشر. یا أبا ذر، أترک فضول الکلام وحسبک من الکلام ما تبلغ به حاجتک . یا أبا ذر، کفی بالمریء کذبا أن یحدث بکل ما سمع . یا أبا ذر، إنه ما من شيء أحق بطول السجن من اللسان . یا أبا ذر، إنّ الله عند لسان کل قائل فلیتق الله إمرئ ولیعلم ما یقول ».
قال أمير المؤمنين(ع):« واعلم أنّ الکلام في وثاقک ما لم تتکلم به، فإذا تکلمت به صرت في وثاقه، فاخزن لسانک کما تخزن ذهبک وورقک، فإنّ اللسان کلب عقور، فإن أنت خلیته عقر، وربّ کلمة سلبت نعمة.. ».
قال أحد الحكماء:« كثرة الكلام لا تخلو من زلة ، ومن ضبط شفتيه فهو عاقل ، ومن فتقهما فحظه الدمار ».
قال علي بن الحسين(ع):« إتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جد وهزل، فإنّ الرجل إذا كذب في الصغير، إجترأ على الكبير».
قال الإمام الصادق(ع):« لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، فإنّ ذلك شيء إعتاده فلو تركه إستوحش، ولكن أنظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته ».
قال الإمام الحسن العسكري(ع):« جعلت الخبائث كلها في بيت ، وجعل مفتاحها الكذب ».
وقال الإمام الباقر(ع):« الكذب هو خراب الإيمان ».
الكذب أقبح الذنوب وأفحشها ، وأخبث العيوب وأشنعها، ويكون بالإخبار عن الأشياء على خلاف ما هي عليه ، وذلك بسبب العداوة أو الحسد والغضب والطمع وحب المال، أو للإعتياد الحاصل من مخالطة أهل الكذب .
وأشد أنواع الكذب إثما ومعصية: الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة ، وشهادة الزور، واليمين الكاذب ، وخلف الوعد..
قال الشاعر:
واحفظ لسانك واحترز من لفظه..........فالمرء يسلم باللسان ويعطب
وزن الكلام إذا نطقت ولا تكــن..........ثرثارة في كل ناد تخطـــــب
كمثال جاهلة تطوف بليلــــــــها..........مكثارة في كل واد تحطــــب
قال سبحانه وتعالى:{ إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون } النحل ١٠٥
قال النبي(ص):« كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا ، هو لك به مصدق ، وأنت له به كاذب ».
وقال أيظا(ص):« یا أبا ذر، ویل للذي یحدث فیکذب لیضحک به القوم ، ویل له ویل له ».
قال موسى(ع):« يا رب ، أي عبادك خير عملا ؟ قال: من لا يكذب لسانه ، ولا يفجر قلبه ، ولا يزني فرجه ».
قال الإمام علي(ع):« لا يصلح من الكذب جد ولا هزل ، ولا أن يعد أحدكم صبيه ثم لا يفي له ، إنّ الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار ».
روي أنّ رجلا بايع رسول الله(صلى الله عليه وآله) ووعده أن يأتيه من مكانه ذلك ، فنسي وعده في يومه وغده ، وأتاه في اليوم الثالث وهو(ص) في مكانه !
ومرّ علي(عليه السلام) برجل يتكلم بفضول الكلام ، فقال:« يا هذا، إنك تملي على حافظيك كتابا إلى ربك ، فتكلم بما يعنيك ، ودع ما لا يعنيك ».
سُـئل(صلى الله عليه وآله):« أيكون المؤمن جبانا ؟ قال: نعم. قيل: ويكون بخيلا ؟ قال: نعم. قيل: ويكون كذابا ؟ قال: لا » !
وقال روح الله عيسى(ع):« من كثر كذبه ، ذهب بهاءه ».
يا أبو تقوى: إنّ هذا اللسان الذي وهبه لک الله سبحانه، أمانة عندک تتصرف فیها بإذنه، فإذا ما استعملتها ـ لا سمح الله ـ علی خلاف رضاه، فقد خنت الأمانة، أضف إلى أنّ كل كاذب، ساقط عن القلوب ولا يعتني أحد بقوله، وكثيرا ما يفتضح عند الناس بظهور كذبه !
فعليك بالصمت وتقديم التروي في كل كلام تريد أن تتكلم به، فإنّ للصمت فضائل كثيرة وفوائد جسيمة ، فيه دوام الوقار، والفراغ للعبادة والذكروالفكر، والأمان من اللوم والإثم ، والإستغناء عن المعذرة من الهفوات !
قال الله تعالی:{ یا أیها الذین آمنوا إتقوا الله وکونوا مع الصادقین } التوبة ١١٩
قال رسول الله(ص):« إنّ أقربکم مني غدا وأوجبکم عليّ شفاعة ، أصدقکم لسانا ، وأدّاکم للأمانة ، وأحسنکم خلقا ، وأقربکم من الناس».
وقال أيظا(ص):« إذا أصبح ابن آدم ، أصبحت الأعضاء كلها تكفر اللسان، فتقول: إتق الله فينا ، فإنما نحن بك ، فإن إستقمت إستقمنا ، وإن إعوججت إعوججنا ».
قال أحد الحكماء:« الكلام المنطوق به في أوانه ، تفاح من ذهب في سلال من فضة » !
قال أمير المؤمنين(ع):« الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك ، على الكذب حيث ينفعك ».
وقال أيظا(ع):« الصدق ینجي، والکذب یردي ».
قال الإمام الباقر(ع):« أربع من كن فيه كمل إيمانه ، ولو كان ما بين قرنه إلى قدمه ذنوبا، لم ينقصه ذلك: هي الصدق، والأمانة، والحياء، وحسن الخلق ».
قال الإمام الصادق(ع):« من صدق لسانه زكى عمله ، ومن حسنت نيته زيد في رزقه ، ومن حسن بره بأهل بيته مد له في عمره ».
يقول الشاعر:
إن كان منطق ناطق من فضــــة..........فالصمت در زانه ياقــــوت
ما عيب ذو صمت ولا من ناطق..........إلا يعاب ولا يعاب صموت
الصدق ضد الكذب، وهو من أشرف الصفات المرضية ، ورئيس الفضائل النفسية ، وهو أقسام: منها الصدق في القول ونقل الأشياء على ما هي عليه ، الصدق في النية وتخليصها لله سبحانه ، الصدق في العزم والوفاء بما عزم عليه ، الصدق في الأعمال وتطابق الظاهر بالباطن ، الصدق في مقامات الدين من الصبر والشكر والحب والزهد والتقوى والخوف والرجاء..الخ
وهذه هي أعلى درجات الصدق وأعزها، فمن اتصف بحقائق هذه المقامات ولوازمها وغاياتها، فهو الصديق الحق !
قال سبحانه وتعالی:{ والذي جاء بالصدق وصدق به أولائک هم المتقون } الزمر٣٣
قال النبي(ص):« ما یزال العبد یصدق، حتی یکتبه الله صدیقا، وما یزال العبد یکذب، حتی یکتبه الله کذابا ».
وقال أيظا(ص):« كل الكذب مكتوب كذبا لا محالة ، إلا أن يكذب الرجل في الحرب ، فإنّ الحرب خدعة ، أو يكون بين رجلين شحناء فيصلح بينهما ، أو يحدث إمرأته يرضيها ».
إنّ حكم العقل بحسن الصدق وقبح الكذب، أمرا مفروغا منه، ولكن لو صار الصدق مبدأ للفتنة، يصير قبيحا يحكم العقل بتركه ، وكذا لو صار الكذب مبدأ للصلاح، يحكم العقل بفعله ، بمعنى جواز إرتكاب أقل القبيحين، لدفع ما هو أكثر قبحا ! مثل الإصلاح بين الضرات من نسائه، بأن يظهر لكل واحدة أنها أحب إليه، أو إذا ما أخذه ظالم غاشم وسأله عن ماله أو عن مكان أحد المؤمنين، وكان يخشاه عليه، فله أن ينكر ويجيبه:" ما رأيته " (وهو قد رآه قبل ساعة)، ولكن يقصد بذلك أنه لم يره منذ دقائق !
قال الله تعالى:{ لا خير في كثير من نجواهم ، إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس } النساء ١١٤
جاء في وصية النبي(ص) للإمام علي(ع):« يا علي، إنّ الله عز وجل أحب الكذب في الصلاح، وأبغض الصدق في الفساد ».
قال الصادق(ع):« كل كذب مسؤول عنه صاحبه يوما ، إلا كذبا في ثلاثة: رجل كايد في حروبه فهو موضوع عنه . أو رجل أصلح بين إثنين يلقى هذا بغير ما يلقى به هذا، يريد بذلك الإصلاح ما بينهما . أو رجل وعد أهله شيئا وهو لا يريد أن يتم لهم ».
إنّ الكذب لدفع ضرر أو فساد، جائز، بشرط صحة القصد . وقد ورد: أنّ الكذب المباح، يكتسب ويحاسب عليه التصحيح في قصده ، فإن كان قصده صحيحا يعفى عنه وإلا يؤاخذ به، فينبغي أن يجتهد في تصحيح قصده ، وأن يحترز عنه ما لم يضطر إليه .
وطريق التعريض والتورية: أن يخبر المتكلم المخاطب بلفظ ذي إحتمالين، أحدهما غير مطابق للواقع وأظهر في المقام ، فيحمله المخاطب عليه ، وثانيهما مطابق له يريده المتكلم !
قال رسول الله(ص):« من أخلص لله أربعين صباحا ، ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ».
رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين، واجعل لي لسان صدق في الآخرين، واجعلني من ورثة جنة النعيم، برحمتك يا أرحم الراحمين.

ليست هناك تعليقات: