اللهم صل على محمد وال محمد --- aboutaqua@yahoo.it --- اللهم صل على محمد وال محمد

الـقران وقيــام اللـــيل

قال الله تعالی:{ الله نزّل أحسن الحدیث کتابا متشابها مثاني تقشعـرّ منه جلود الذین یخشون ربهم ثم تلین جلودهم وقلوبهم إلی ذکر الله } الزمـر۲۳
قال رسول الله(ص):« القرآن مأدبة الله فتعلموا مأدبته ما آستطعتم ، إنّ هذا القرآن هو حبل الله ، وهو النور المبين ، والشفاء النافع ، فاقرؤوه فإنّ الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول:( ألم ) حرف واحد ، ولكن ألف ولام وميم ثلاثون حسنة ».
قال أمير المؤمنين(ع):«.. وإنّ الله سبحانه لم يعظ أحدا بمثل هذا القرآن، فإنه حبل الله المتين وسببه الأمين، وفيه ربيع القلب وينابيع العلم ، وما للقلب جلاء غيره ».
قال الإمام الصادق(ع):« إنّ هذا القرآن فیه منار الهدی، ومصابیح الدّجی، فلیجُـل جال بصره ویفتح للضیاء نظره ، فإنّ التفکر حیاة قلب البصیر، کما یمشي المستـنیر في الظلمات بالنور».
يا أبوتقوى: داوي قلبک القاسي واشف أمراض فؤادک بتلاوة القرآن بصوت جمیل وحزین. فإذا مررت مثلا: بأيات الرحمة والوعد بالجنة ونعيمها.. فلينبعث باطنك بهجة، وكأنّ قلبك يطير فرحا وشوقا إليها. وإذا مررت بأيات الوعيد والعذاب والنار.. فليضطرب قلبك ولترتعد فرائصك، وتضائل من الخوف كأنك تموت. وإذا قرأت آيات المقت وذم العصاة والمقصرين.. فشاهد نفسك كأنك أنت المخاطب به من دون الخلق أجميعين. وإذا مررت بصفات الله وأسماءه ونعوت جلاله وجماله.. فطأطأ رأسك إجلالا واستشعارا لعظمته وهيبته. وتوقف عند كل آية، فإنّ للقرآن ظهرا وبطنا ولبطنه بطنا إلى سبعة أبطن، وتحت كل كلمة منها أسرارا لا تنحصر..!
قال سبحانه وتعالى:{ وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } الإسراء ٨٢
قال النبي(ص):« فإذا التبست عليكم الأمور كقطع الليل المظلم ، فعليكم بالقرآن ، فإنه شافع مشفع ، وشاهد مصدق ، من جعله أمامه قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو أوضح دليل إلى خير سبيل ، من قال به صدق ، ومن عمل به وفق ، ومن حكم به عدل ، ومن أخذ به أجر».
قال الإمام علي(ع):« القرآن ظاهره أنيق ، وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ، ولا تنقضي غرائبه ، ولا تكشف الظلمات إلا به ».
قال الإمام الباقر(ع):« قرّاء القرآن ثلاثة: رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة، واستدر به الملوك، واستطال به على الناس . ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه، وضيّع حدوده ، وأقامه مقام القدح . فلا كثر الله هؤلاء من حملة القرآن . ورجل قرأ القرآن، فوضع دواء القرآن على داء قلبه، فأسهر به ليله، وأظمأ به نهاره، وقام به في مساجده، وتجافى به عن فراشه . فبأولئك يديل الله من الأعداء ، وبأولئك ينزل الله الغيث من السماء . والله لهؤلاء في قرّاء القرآن، أعز من الكبريت الأحمر».
إنّ قارئ القرآن ليترقى في قرائته من درجة إلى درجة ، حتى يصل إلى درجة يسمع معها الكلام من الله تعالى لا من نفسه !
وللقراءة ثلاث درجات:
الأولى: وهي أدناها، هو أن يتصور العبد نفسه يقرأ القرآن على الله تعالى، واقفا بين يديه ، وهو ناظر إليه ومستمع منه ، فتكون حاله، على هذا التقدير، التملق والسؤال والتضرع والإبتهال .
الثانية: أن يشهد بقلبه ، كأنّ ربه يخاطبه باللطافة ، ويناجيه بإحسانه وإنعامه، فمقامه الهيبة والحياء والتعظيم والإصغاء .
الثالثة: أن يرى في الكلام المتكلم، وفي الكلمات الصفات، فلا ينظر إلى نفسه وإلى تلاوته ، بل يكون همه موقوف على المتكلم، كأنه مستغرق بمشاهدته من غيره . وهذه درجة المقربين والصديقين .
روي أنّ الصادق(ع) لحقته حالة في الصلاة حتى خرّ مغشيا عليه، فلما سري عنه، قيل له في ذلك، فقال(ع):« ما زلت أردد الآية على قلبي، حتى سمعتها من المتكلم بها، فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته»!
وفي مثل هذه الدرجة تشتد البهجة ، وتعظم الحلاوة واللذة . ولذلك قال بعض الحكماء:« كنت أقرأ القرآن، فلا أجد له حلاوة ، حتى تلوته كأني أسمعه عن رسول الله(ص) يتلوه على أصحابه ، ثم رفعت إلى مقام فوقه ، فكنت أتلوه كأني أسمعه من جبرئيل يلقيه على رسول الله(ص)، فعندها وجدت لذة ونعيما لا أصبر عنه ».
قال الله تعالی:{ لو أنزلنا هذا القرآن علی جبل لرأیته خاشعا متصدعا من خشیة الله وتلک الأمثال نضربها للناس لعلهم یتفکرون} الحشر٢١
قال رسول الله(ص):« إن أردتم عيش السعداء ، وموت الشهداء، والنجاة يوم الحسرة ، والظل يوم الحرور، والهدى يوم الضلالة ، فادرسوا القرآن ، فإنه كلام الرحمن ، وحرز من الشيطان ، ورجحان في الميزان ».
ترتیل القرآن: هو الحدّ الوسط بین السرعة والعجلة ، وبین الفتور والتأنّـي . وحق تلاوة القرآن، هو أن يشترك فيها اللسان والعقل والقلب ، فحظ اللسان تصحيح الحروف ، وحظ العقل إدراك المعاني، وحظ القلب الإتعاض والتأثر. فاللسان واعظ القلب ، والعقل مترجم، والقلب متعظ !
قال الإمام الباقر(ع):« إذا قرأتم القرآن فبينوه تبيانا ، ولا تهذوه هذا كهذ الشعر، ولا تنثروه نثر الرمل، ولكن أفرغوا له قلوبكم القاسية، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة.. وإذا مررتم بآية فيها ذكر الجنة ، فقفوا عندها واسألوا الله الجنة ، وإذا مررتم بآية فيها ذكر النار، فقفوا عندها وتعوذوا بالله من النار، وحسنوه بأصواتكم ، فإنّ الله تعالى أوحى إلى موسى بن عمران(ع):" إذا وقفت بين يدي فقف موقف الذليل الفقير، وإذا قرأت التوراة فأسمعنيها بصوت حزين.." وأنّ البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر فيه الله تعالى، تقل بركته، وتهجره الملائكة ، ويحضره الشيطان ، ومن قرأ القرآن وهو شاب مؤمن، إختلط القرآن بلحمه ودمه، وجعله الله مع السفرة الكرام البررة ، وكان القرآن حجيرا عنه يوم القيامة ».
قال النبي(ص):« زينوا القرآن بأصواتكم ، فإنّ الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا ».
وقال أيظا(ص):« تعلموا كتاب الله وتعاهدوه وافشوه ، فوالذي نفس محمد بيده ، لهو أشد تفلتا من المخاض من عقله ».
هناك سور وآيات لها فضائل جمة، كفضائل: البسملة ، وسورة الحمد، وآية الكرسي، وآمن الرسول(البقرة ٢٨٥)، وآية الشهادة (آل عمران ١٩)، وآية الملك (آل عمران ٢٧)، و" إنّ في خلق السموات والأرض.."(آل عمران ١٩٠ ـ ١٩٤)، وأية السخرة (الأعراف ٥٤ ـ ٥٦)، وآخر آية من سورة الكهف ، وثلاث آيات من آخر الحشر، ويس، والواقعة، والقدر، والمعوذات الأربعة.
قال عزّ من قائل:{ أقم الصلاة لدلوک الشمس إلی غسق اللیل وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر کان مشهودا، ومن اللیل فتهجد به نافلة لک عسی أن یبعثک ربک مقاما محمودا } الإسراء ٧٨
قال سيد الرسل(ص):« إذا قام العبد من لذیذ مضجعه والنعاس في عینيه لیرضي ربه بصلاة لیله، باهی الله به الملائکة وقال: أمَا ترون عبدي هذا قد قام من لذیذ مضجعه لصلاة لم أفرضها علیه اشهدوا أني قد غفرت له ».
قال أمير المؤمنين(ع):« نبّـه بالتفکر قلبک ، وجاف من اللیل جنبک ، واتق الله ربک ».
قال الإمام الصادق(ع):« عليكم بصلاة الليل ، فإنها سنة نبيكم، ودأب الصالحين قبلكم، ومطردة الداء عن أجسادكم ».
إنّ صلاة اللیل، لتخرج العبد في کل لیلة من عالم (الفرش) في النهار، بما فیه من لغو وتشاغل عن الحق.. إلی عالم (العرش) بما فیه من الخلوة التي لا یعرف لذتها غیر أهلها !
فعلیک يا أبو تقوى، أن تنتظر بتلهف شدید ـ وأنت في جوف النهارـ جوف اللیل، لأنّ فیه ساعة اللقاء بالمحبوب.. ساعة الأنس والصفاء، التي تعینک علی تحمل أعباء النهار في الیوم الموالي..!
قال الله تعالى:{ يا أيها المزمل، قم الليل إلا قليلا، نصفه أو أنقص منه قليلا ، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ، إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ، إنّ ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا } المزمل ١ـ٩
قال النبي(ص):«.. ومن أحب السبل إلى الله قطرتان: قطرة دموع في جوف الليل، و قطرة دم في سبيل الله...».
قال الإمام علي(ع):« أما والله، لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول الله(ص)، وإنهم ليصبحون ويمسون شعثا غبرا خمصا، بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجدا وقياما يراوحون بين أقدامهم وجباههم، يناجون ربهم، ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون وجلون مشفقون ».
قال الإمام الحسن العسکري(ع):« الوصول إلی الله، سفر لا یدرک إلا بآمتطاء اللیل ».
نادی عیسی(ع) أمه بعد موتها، فقال:« کلمیني یا أماه، هل تریدین العود إلی الدنیا ؟ فأجابت: بلی، لکي أصلي لله في جوف اللیل القارس، وأصوم في الیوم الشدید الحرّ، یا بنيّ إنّ هذا طریق رهیب».
إذا نویت قیام اللیل، إجعل أول اللیل وقت نومک ما أمکنک ذلک، فلا تسهـر بلا فائدة فیفوتک آخر اللیل، ونم علی طهارة علی جنبک الأیمن مستقبلا جهة القبلة، واقرأ الأدعیة المأثورة وخصوصا تسبیح الصدیقة الزهراء(ع)، وقراءة سورة ألهاكم التکاثر، والتوحید ثلاثا، والإستغفار، وقراءة آخر آیة من سورة الکهف لأجل الإستیقاظ لصلاة اللیل مع عدم نسیان آلة التنبیه..
قال سبحانه وتعالی:{ أمن هو قانت آناء اللیل ساجدا وقائما یحذر الآخرة ویرجو رحمة ربه قل هل یستوي الذین یعلمون والذین لا یعلمون } الزمر٩
قال النبي(ص):« إنّ البيوت التي يصلى فيها بالليل بتلاوة القرآن، لتضئ لأهل السماء كما تضئ نجوم أهل السماء لأهل الأرض».
قال الإمام علي(ع):« قيام الليل مصحة البدن، ورضا الرب ، وتمسك بأخلاق النبيين ، وتعرض لرحمة الله ».
جاء في حديث قدسي:« يا ابن عمران ، كذب من زعم أنه يحبني فإذا جنه الليل نام عني، أليس كل محب يحب خلوة حبيبه ؟ ها أنا يا ابن عمران مطلع على أحبائي، إذا جنهم الليل حولت أبصارهم في قلوبهم، ومثلت عقوبتي بين أعينهم ، يخاطبوني عن المشاهدة ، ويكلموني عن الحضور. يا ابن عمران، هب لي من قلبك الخشوع، ومن بدنك الخضوع ، ومن عينيك الدموع ، وادعني في ظلم الليل، فإنك تجدني قريبا مجيبا ».
عند الإستیقاظ، أسجد سجدة الشکر لله فورا، وقلــّب بصرک في السماء واقرأ بتأمّـل:{ إنّ في خلق السماوات والأرض..}(آل عمران١٩٤)، ثم اشرع في صلاة اللیل. وحتی طلوع الشمس فلا تشتغل إلا بالعبادة والأوراد والأذکار المشروعة .
قال رسول الله(ص):« إیاکم وکثرة النوم ، فإنّ کثرة النوم یدع صاحبه فقیرا یوم القیامة ».
وقال أمير المؤمنين(ع):« بئس الغریم النوم ، یفني قصیر العمر، ویفوت کثـیر الأجر».
وسأل موسی(ع) ربه عن أبغض الخلق إلیه، فأوحی إلیه:« جیفة باللیل ، وبطال بالنهار».
قال الإمام الصادق(ع):« شیعتنا هم الشاحبون الذابلون الناحلون، الذین إذا جنهم اللیل، إستقبلوه بحزن ».
یا أبوتقوى: إنک إذا أصبحت متعلقا بالمدد الإلهي والتسليم الرباني، فإنك لن ترى ثقلا في قيام اللیل أبدا، بل ستجد في صلاة الليل سياحة أيما سياحة..! فإذا بغيت لنفسك ذلك، إياك والذنوب، فقد روي:
" بأنّ الرجل يكذب الكذبة ، فيحرم بها صلاة الليل" !
جاء رجل إلى أميرالمؤمنين(ع)، فقال: يا أمير المؤمنين، إني قد حرمت الصلاة بالليل! فقال له أمير المؤمنين(ع):« أنت رجل قد قيدتك ذنوبك ».
وعن سلمان الفارسي(رحمه الله) ، أنه أتاه رجل، فقال: يا أبا عبد الله، إني لا أقوى على الصلاة بالليل! فقال:« لا تعص الله بالنهار».
إجتنب النوم بین الطلوعین لیکون مؤثرا في تحسین لونک وتعدیل مزاجک، وتقویة ذکائک وزیادة رزقک !!
سئل الإمام السجاد(ع): ما بال المتهجدین باللیل من أحسن الناس وجها ؟ قال:« لأنهم خلوا بربهم، فکساهم الله من نوره ».
وقال الإمام علي(عليه السلام):« كذب من زعم أنه يصلي الليل ويجوع بالنهار ».
وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين

ليست هناك تعليقات: