اللهم صل على محمد وال محمد --- aboutaqua@yahoo.it --- اللهم صل على محمد وال محمد

المـداراة وحـسن الخـــلق

قال الله تعالی:{ ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بینک وبینه عداوة کأنه ولي حمیم ، وما یلقاها إلا الذین صبروا وما یلقاها إلا ذو حظ عظیم } فصلت ٣٥
قال رسول الله(ص):« بعثت لأتمـّـم مکارم الأخلاق ».
وقال أيظا(ص):« إنّ أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحسنكم خلقا ».
قال الإمام الباقر(ع):« إنّ أكمل المؤمنين إيمانا، أحسنهم خلقا ».
وقال الصادق(ع):« إنّ الله تبارك وتعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق ، كما يعطي المجاهد في سبيل الله يعدو عليه ويروح ».
حسن الخلق هو أن تلين جناحك، وتطيب كلامك، وتلقى الناس ببشر. وعلی کل سالک إلی الله أن یسعی إلی تحسین أخلاقه، مهما کلفت هذه النفس من جهد ومشقة.
فمن يتصف بالأخلاق الحسنة، يستطيع التكيف والموائمة مع أبناء جنسه ويعيش قرير العين، مطمئن النفس، هادئ البال !
قال النبي(ص):« إنّ للمؤمن أربع علامات: وجها منبسطا، ولسانا لطيفا ، وقلبا رحيما ، ويدا معطية ».
وقال أيظا(ص):« ما يوضع في ميزان إمرئ يوم القيامة ، أفضل من حسن الخلق ». « إنّ الله یبغض المعبس في وجه إخوانه ».
قال الإمام الصادق(ع):« البر وحسن الخلق ، يعمران الديار ويزيدان في الأعمار».
وقال الإمام الكاظم(ع):« صلة الأرحام وحسن الخلق، زيادة في الإيمان».
إنّ حَـسَن الخـُلق محبوب عند الله وعند الناس، ولا يزال محلا لرحمة الله وفيوضاته، ومرجعا للمؤمنين بإيصال نفعه وخيره إليهم، وإنجاح مقاصده ومطالبه منهم . ولذلك لم يبعث الله سبحانه نبيا إلا وأتم فيه هذه الفضيلة ، بل هي أفضل صفات المرسلين وأشرف أعمال الصديقين !
قال سبحانه وتعالى:{ وإنك لعلى خلق عظيم } القلم ٤
قال رسول الله(ص):« يا بني عبد المطلب, إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فألقوهم بطلاقة الوجه ، وحسن البشر».
وقال أيظا(ص):« إنّ حسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم».
يقول الإمام الصادق(ع):« ما يقدم المؤمن على الله عز وجل بعمل بعد الفرائض أحب إلى الله تعالى، من أن يسع الناس بخلقه ».
لن یهنأ طالب السعادة في الدنیا والآخرة إلا بحسن الخلق، والعمل الصالح الکثیر لوحده دون تهذیب الخلق وتقویمه، لن ینفع أبـدا، بل یجيء الخلق السيء فیفسد رأس المال(العمل الصالح) !
قال الله تعالی:{ وقل لعبادي یقولوا التي هي أحسن ، إنّ الشیطان ینزغ بینهم إنّ الشیطان کان للإنسان عدوّا مبینا } الإسراء ٥٣
قال النبي(ص):« لما خلق الله الإيمان، قال: اللهم قوني، فقواه بحسن الخلق والسخاء . ولما خلق الله الكفر، قال: اللهم قوني، فقواه بالبخل وسوء الخلق ».
قال الإمام علي(ع):« المؤمن مألوف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ».
قال أبي عبد الله(ع):« إنّ سوء الخلق لیفسد الإیمان کما یفسد الخل العسل ».
لا ريب في أنّ سوء الخلق مما يبعد صاحبه عن الخالق والخلق ، والتجربة شاهدة بأنّ سيء الخلق تتنفر منه الطباع ، ولا يكون مألوفا لدى أيّ أحد، بل يكون دائما أضحوكة للناس، ولا ينفك لحظة عن الحزن والألم !
قال رسول الله(ص):« عليكم بحسن الخلق فإنّ حسن الخلق في الجنة لا محالة ، وإياكم وسوء الخلق فإن سيء الخلق في النار لا محالة ».
وقال أيظا(ص):« إنّ العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل وإنه لضعيف العبادة ، وإنّ العبد ليبلغ بسوء خلقه أسفل درك جهنم وإنه لقوي العبادة ».
سئل أمير المؤمنين(عليه السلام): من أدوم الناس غما ؟ قال:«أسوؤهم خلقا ».
قال الصادق(ع):« صنايع المعروف وحسن البشر يكسبان المحبة ويدخلان الجنة ، والبخل وعبوس الوجه يبعدان من الله ويدخلان النار».
وقال أيظا(عليه السلام):« من ساء خلقه ، عذب نفسه ».
قال بعض الأكابر:« لئن يصحبني فاجر حسن الخلق ، أحب إلي من أن يصحبني عابد سيء الخلق ».
إن طرق علاج سوء الخلق هو: أن يتذكر العبد أولا أنّ سيء الخلق يفسد آخرته ودنياه ، ويعيش بعيدا عن الخالق ورحمته، وممقوتا من قبل أبناء جنسه، فيبغضونه ويشمئزون منه، ولذا يحرم من برهم وصلتهم، ويعيش القلق والحيرة فيعذب نفسه.
فليعزم إذن على إزالته بالتدريج ، فيقدّم التروي والتفكر عند كل حركة وتكلم، فيحفظ نفسه عنده- ولو بالتحمل والتكلف- ويواظب ويداوم على ذلك فترة من الزمن، حتى يثبت وينتقش في النفس إنتقاشا متعذر الزوال، وبذلك تزول آثار سوء الخلق بالكلية إنشاء الله .
قال سبحانه وتعالی:{ إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بینک وبینه عداوة کأنه وليّ حمیم } فصلت ٣٥
قال النبي(ص):« أمرني ربي بمداراة الناس کما أمرني بأداء الفرائض ».
وقال أيظا(ص):« المداراة نصف الإيمان ».
قال الإمام الجواد(ع):« من هجر المداراة قارنه المكروه ، ومن لم يعرف الموارد أعيته المصادر، ومن إنقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة وللعاقبة المتعبة ».
المداراة هي: ترک الإنکار دفعا للمفسدة ، أو لأجل تخفیفها ، أو تحرزا عن تهـیـیـجها .
وقد تکون المداراة، للخوف ولدفع الشر ممن تداریه ، وقد تکون لإستجلابه للخیر.. فالرفق والبشاشة وتحمّل الأذی والدفع بالتي هي أحسن، هي المداراة !
إستأذن رجل على رسول الله(ص) فقال:« إئذنوا له فبئس رجل العشيرة . فلما دخل، ألان له القول حتى ظن أنّ له عنده منزلة . فلما خرج ، قيل له: لما دخل قلت الذي قلت ، ثم ألنت له القول ؟! فقال: إنّ شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة ، من أكرمه الناس إتقاء لشره ».
جاء في حديث قدسي:« يا موسى، أكتم مكتوم سري في سريرتك وأظهر في علانيتك المداراة عني لعدوي وعدوك من خلقي..».
قال الإمام الصادق(ع):« خالطوا الأبرار سرا وخالطوا الفجار جهرا، ولا تمیلوا علیهم فیظلموکم، فإنه سیأتي علیکم زمان لا ینجو فیه من ذوي الدین إلا من ظنوا أنه أبله ، وصبّر نفسه علی أن یقال إنه أبله لا عقل له ».
قال بعض الصحابة:« كنا نبشر في وجوه أقوام نلعنهم بقلوبنا ».
" المؤمن حزنه في قلبه ، وبشره في وجهه "!
إنّ من ابتلي بذي شر يخاف شره ، يجوز له أن يجامله ويتقيه ، فيظهر له في حضوره من المدح والمحبة ما لم يعتقد به قلبه، وهو معنى المداراة ، وهوـ وإن كان نفاقا ـ إلا أنه جائز شرعا للعذر،
قال الله سبحانه:{ إدفع بالتي هي أحسن السيئة }.
قال النبي(ص):« ثلاثة من لم تکن فیه لم یتم له عمل: ورع یحجزه عن معاصي الله ، وخلق یداري به الناس ، وحلم یرد به جهل الجاهل ».
وقال أيظا(صلى الله عليه وآله):« مداراة الناس نصف الإیمان ، والرفق بهم نصف العیش ».
قال الإمام الرضا(ع):« لا یکون المؤمن مؤمنا حتی تکون فیه ثلاث خصال: سنـّة من ربه ، وسنـّة من نبیه ، وسنـّة من ولیه . فأمّا السنـّة من ربه: فکتمان سره ، قال الله عز وجل:{عالم الغیب فلا یظهر علی غیبه أحدا إلا من ارتضی من رسول}. وأما السنـّة من نبیه: فمداراة الناس، فإنّ الله عز وجل أمر نبیه(ص) بمداراة الناس فقال:{ خذ العفو وامر بالعرف }. وأما السنـّة من ولیه: فالصبر في البأساء والضرّاء ».
قال الله تعالی:{ إذهبا إلی فرعون إنه طغی فقولا له قولا لینا لعله یتذکر أو یخشی } طه ٤٤
قال رسول الله(ص):« جاملوا الأشرار بأخلاقكم تسلموا من غوائلهم، وباينوهم بأعمالكم كيلا تكونوا منهم ».
وقال أيظا(ص):« ما كان جبرئيل يأتيني إلا قال: يا محمد، اتق شحناء الرجال وعداوتهم ».
في المعاملات مع الناس یجب المداراة والرفق واللین، فالأمر والنهي والزجر وإلقاء اللائـمة.. مرّ وغیر مستساغ لکثیر من الناس..!
قال الإمام الصادق(ع):« من کان رفیقا في أمره ، نال ما یرید من الناس ».
فعلیک ـ یا أبو تقوی ـ بحلاوة البیان وحسن الخلق ، حتی یکون کلامک مؤثرا وجاذبا للقلوب ! واعلم بأنّ المصانعة والمداراة خیر لک من المکاشفة !

ليست هناك تعليقات: