اللهم صل على محمد وال محمد --- aboutaqua@yahoo.it --- اللهم صل على محمد وال محمد

الـتـفـــــــكــر

قال الله تعالی:{ الذین یذکرون الله قیاما وقعودا وعلی جنوبهم ویتفکرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانک فقنا عذاب النار} آل عمران ١٩١
التفکر:
هو ترتیب الأمور المعلومة للوصول إلی النتائج المجهولة.
قال النبي(صلى الله عليه وآله):« التفکر حیاة قلب البصیر».
قال الإمام الصادق(ع):« أفضل العبادة ، التفکر في الله وفي قدرته».
وقال أمير المؤمنين(ع):« نبّـه بالتفکر قلبک، وجاف من اللیل جنبک، وآتق الله ربک ».
قد تمر علی الإنسان ساعات کثیرة من الفراغ، والتي لوعُدّت، لمثلت مساحة کبیرة من ساعات عمره.. فعلی المؤمن الفطن أن یملأ هذا الفراغ: إما بالقراءة أو بالتفکر والتدبر. فیسیح بقلبه سیاحة لا تدرک لذتها ولا یوصف کنهها، وهي سیاحة لا تحتاج إلی بذل مال ولا صرف جهد، وذلک بتیسیر من االحق المتعال.
علیک ـ يا أبو تقوى ـ بکثرة التفکر في الله تعالی: أسماءه ، صفاته ، کمالاته ، قدرته ، غناه.. الخ
قال الصادق(ع):« تکلموا في خلق الله ولا تتکلموا في الله ، فإنّ الکلام في الله لا یزید صاحبه إلا تحیرا ».
علیک بکثرة التفکـّر في لطائف المصنوعات ودقائق أسرار الوجود..
أنظر مثلا للبعوض كيف خلقه الله على صغر قدره، على شكل الفيل الذي هو أعظم الحيوانات، إذ خلق له خرطوما كخرطومه یمتص به الدم ، فیصل عبره إلی معدته وسائر أعضاءه ، وخلق له السمع والبصر..
ولمّا كانت حدقة كل حيوان صغيرة بحيث لا يحتمل الأجفان لصغره، فانظر کیف خلق للبعوض والذباب يدين ليمسح بهما حدقتيه ويطهرها من الغبار والقذى، سبحان الله ! أولا ترى الذباب أنه على الدوام يمسح حدقتيه بيديه ؟!
تفكر في جسم هذا الإنسان( بأنسجته وعصبه وإفرازاته..) وكيفية تأدية أعضائه لوضائفها المعقدة ما يناهز القرن أو أكثر من الزمن، وما هو إلا لحم وعظم، ولو كان حديدا لتآكل بمرور الأيام..
ثم أنظر إلى النحل وبناء بيوتها من الشمع، واختيارها من جملة الأشكال، (المسدس)، فلا يبني مستديرا ولا مربعا ولا مخمسا، بل إختار المسدس لخاصية يقصر عن دركها أفهام المهندسين..
تفکر مثلا: في بصمات الأصابع کیف تختلف من شخص لآخر علی کثرتهم. تفکر في نعمة الجوع والتي لولاها لما إلتفت لا إنسان ولا حیوان إلی أکل أبدا، ولمات من الجوع . تفکر في البحار والجبال، في دوران الأرض واختلاف اللیل والنهار..
وتمعن في آيات الذكر الحكيم:
{ وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون * وفي الارض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون} الرعد ٣ ـ ٤
{ وإن لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين * ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون}النحل ٦٦ـ ٦٧
{ إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي...} الأنعام ٩٥ ـ ٩٩
إنّ هذا التفکر، یفتح للمتوسطین أبوابا من المعرفة ولو أنه للکاملین هو حجاب.. " حسنات الأبرار، سیئات المقربین " !!
قال النبي(صلى الله عليه وآله):« تفکر ساعة ، خیر من عبادة سنة ـ أو سبعین سنة ـ ».
وقال الصادق(ع):« الفكر مرآة الحسنات وكفارة السيئات، وضياء للقلوب وفسحة للخلق، وإصابة في صلاح المعاد، وآطلاع على العواقب، وآستزادة في العلم، وهي خصلة لا يعبد الله بمثلها ».
ويقول الإمام الرضا(ع):« ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله عز وجل ».
إختر لنفسک ساعة للتفکر، ولیکن ذلک إذا جنّ علیک اللیل حیث یکون القلب خالیا من هموم الدنیا، وغص في التفکر وتأمـّل: من أنا؟ وأین أنا؟ ومن أین جئت؟ وإلی أین أذهب..؟ وغص في التفکر حتی تصل إلی أن تجد نفسک کأن لیس في عالم الوجود سواک !
واسال الباري تقدست أسمائه أن یـُعرّفک نفسک، فلا أشنع ولا أقبح من أن لا یعرف المرء نفسه !
قال رسول الله(ص):« إنّ آدم(ع) قال في وعظه لأولاده: کل عمل تریدون أن تعملوه قفوا له ساعة، فإني لو وقفت ساعة لما أصابني ما أصابني ».
قال أمیر المؤمنین(ع):« لكل شئ دليل ، ودليل العاقل التفكر».
وقال أیظا(ع):« من فكر قبل العمل ، كثر صوابه » !
تمعن: " الحجر الذي یقذف به مجنون إلی قعر البئر، یعجز عن إخراجه عدد من العقلاء " !
لا تعجلن لأمر أنت فاعلــــــه..........فقلما یُدرک المطلوب ذو العجل
فذوالتأني مصیب في مقاصده..........وذو التعجل لا یخلو من الـــزلل
قال الله تعالی:{ کتاب أنزلناه إلیک مبارک لیدّبّروا آیاته ولیتذکر أولوا الألباب } ص ٢٩

ليست هناك تعليقات: