اللهم صل على محمد وال محمد --- aboutaqua@yahoo.it --- اللهم صل على محمد وال محمد

الـعــــــــــــلم

قال الله تعالی:{ شهد الله أنه لا إلاه إلا هو والملائکة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم } آل عمران ١٨
قال رسول الله(ص):« من سلک طریقا یطلب فیه علما ، سلک الله به طریقا إلی الجنة ، وإنّ الملائکة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به. وإنه لیستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الأرض حتی الحوت في البحر. وفضل العالم علی العابد ، کفضل القمرعلی سائر النجوم لیلة البدر. وإنّ العلماء ورثة الأنـبیاء . وإنّ الأنبیاء لم یورثـوا دینارا ولا درهما ، ولکن ورثوا العلم ، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر».
إنّ طالب العلم ـ هذا الملکيّ الذي تحول إلی وجود ملکوتي ـ إذا انفتحت عین بصیرته الملکوتیة، رأی بأنّه یطوي المسافات بفضل تأییداتهم وأنه مستقر علی أجنحتهم !
العلم ثلاث:
علم یقوي العقل والجانب الروحاني: وهوالعلم بالذات المقدسة والملائکة والوحي والآخرة والجنة والنار والحساب..الخ
علم یرتبط بترویض القلب وتربیته: وهو العلم بمحاسن الأخلاق وبکیفیة تحصیلها، کالصبر والحلم والحیاء والکرم والعفة.. والعلم بمساويء الأخلاق وبکیفیة التنزه عنها، کالحسد والغیبة والکذب والرياء..
علم یرتبط بتربیة الظاهر وترویضه: وهو علم الفقه ومبادئه وآداب المعاشرة وسیاسة البلاد والحدود والتعزیرات..الخ وبصورة مختصرة ، ممکن تقسیم العلم إلی ثلاث أقسام: علم الآخرة ، وعلم البرزخ ، وعلم الدنیا .
قال الله سبحانه:{ وما یعلم تأویله إلا الله والراسخون في العلم یقولون آمنا به کل من عند ربنا وما یذکـّر إلا أولوا الألباب }
آل عمران ٧
قال النبي(ص):« طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ، ألا إنّ الله تعالى يحب بغاة العلم ».
وقال أمير المؤمنين(ع):« كل وعاء يضيق بما جعل فيه ، إلا وعاء العلم فإنه يتسع ».
إعلم یرحمک الله ، أنه إذا کان للنفس توجه وارتباط بالملکوت الأعلی وعالم الملائکة ، فإنه بإذن الله تعالی یضاف علیها من العلوم والمعارف الحقیقیة ، وبالعکس: إذا کان توجهها وارتباطها بعالم الطبیعة أکثر، فإنها لا تنال إلا من ذلک المعدن.. علوم الشیطنة والفساد !
{ إتقوا الله ویعلمکم الله }.
قال سيد الرسل(ص):«.. وإياكم أن تطلبوه لخصال أربع: لتباهوا به العلماء، أو تماروا به السفهاء، أو تراؤا به في المجالس، أو تصرفوا به وجوه الناس إليكم للترؤس..».
یجب أن تکون نیـتك خالصة لله وحده، ومقصودک في طلب العلم، هو طلب الحق والفحص عن المحبوب المطلق . فالغایة والهدف یجب أن یکونا خالصین من کل الشوائب، لأنه إن لم یکن کذلک، کان ذلک العلم حجابا !
قال النبي(ص):« فقيه واحد، أشد على الشيطان من ألف عابد ».
قال الله تعالی:{ إنما يخشى الله َ من عباده العلماءُ }.
قال الشاعر:
تعلم فإنّ العلم زين لأهله.........وفضل وعنوان لكل المحامـــــد
تفقه فإنّ الفقه أفضل قائد.........إلى البر والتقوى وأعدل قاصــد
فإنّ فقيها واحدا متورعا..........أشد على الشيطان من ألف عابد
قیل: بأنّ الشیطان تعرض لأحد العلماء في آخر لحظة من عمره فقال: لقد نجوت من کیدي . فأجاب العالم: کلا لم أنج بعد !
قال الله عز وجل:{ فلولا نفر من کل فرقة منهم طائفة لیتفقهوا في الدین ولینذروا قومهم إذا رجعوا إلیهم لعلهم یحذرون }
التوبة ١٢٢
قال المصطفى(ص):« من جاءه الموت وهو یطلب العلم لیـُحیي به الإسلام کان بینه وبین الأنبیاء درجة واحدة في الجنة ».
وقال أيظا(ص):« من يرد الله به خيرا ، يفقهه في الدين».
إعلم یرحمک الله، أنّ العلم والإدراک هو حظ العقل، وأما الإیمان فهو حظ القلب، والعلم بالله ما دام في حدّ العقل فهو نور، ولکن ما لم یصل إلی أعماق قلوبنا القاسیة فتتأثر وتؤمن به، فلسنا بمؤمنین.
الإنسان لا یکون مؤمنا لمجرد علمه بوجود الله والملائکة والجنة والنار.. الشیطان کان یعلم کل ذلک ولکنه کافر.
" لیس العلم بکثرة التعلیم، بل هو نور یقذفه الله في قلب من یشاء ".
نحن نعلم مثلا بالبرهان والإدراک العقلي، أنّ الأموات لا یضرون الإنسان، ولکن رغم ذلک ففي اللیالي المظلمة نخاف من الأموات، لماذا ؟ لأنّ قلوبنا لم تؤمن بتلک الحقیقة العقلیة ولم یصل الإدراک العقلي إلیها .
ولکن الذین أوصلوا هذا المطلب العلمي إلی القلب بتکرار العمل وکثرة الإقدام في اللیالي المظلمة علی زیارة القبور، لا یخافون الأموات ، بل یستأنسون بهذا المکان الهادیء !
قال الله تعالی:{ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب } الزمر٩
قال النبي(ص):« إنّ الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها أنى وجدها لا يبالي من أي وعاء خرجت ».
ويقول أمیر المؤمنین(ع):« من علمني حرفا ، كنت له عبدا ».
إعلم ـ یا أبوتقوی ـ أنّ العالم الماهر هو الذي یستطیع أن یمکـّن مقاصده من النفوس بالتبشیر والتنذیر والموعظة والنصیحة، فتـلین تلک النفوس القاسیة المتمردة .
فعلی المبلغ في هدایة الخلق،( فتح) شهیتهم لتقبل الهدي الإلاهي، وإقناعهم بضرورة الإصغاء، فما فائدة تقدیم الطعام لمن لا یرغب فیه ؟
علیه أن یکون طبیبا معالجا حاذقا بإبراز الداء والدواء ، لا فقط یعطي الوصفة لکیفیة إرائة الداء !
قال الشاعر:
العلم زين والسكوت سلامـــة..........فإذا نطقت فلا تكن مكثــــارا
ما إن ندمت على سكوت مرة.........ولقد ندمت على الكلام مرارا
من علامات العالم أن یکون حزینا صامتا مطأطأ الرأس، تظهر علیه آثار الخوف والخشیة والخضوع والخشوع، إذا رآه الرّائي تذکر الله تعالی .
العلم الخالص والحقیقي هو الذي یهجم عنه في قلب السالک الحزن والهم والإنکسار والکآبة والسهر، لأنّ نور العلم یبعث علی الخشیة والحزن والخوف من یوم القیامة.
لأنه إن کان قلبک فرحا مسرورا، لم تنل شیئا من المعارف !
وکل هذه النتائج تـنیر القلب وتـُجلیه من الصدأ وتکون بدایة لإصلاح النفس إنشاء الله .
قال رسول الله(ص):« کلما عمل السالک إلی الله بما علـمه الله من العلم ، أورثه ذلک علم ما لم یعلم ».
وقال أیظا(ص):« من أخلص للحق فيما يقول ويفعل ، علمه الله بلا تعلم ».
قال الإمام علي(ع):« العلم علمان: مطبوع ومسموع ، ولا ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع ».
قال الإمام الکاظم(ع):« وأحمد العلم عاقبة ، ما زاد في علمک العاجل. فلا تشتغلن بعلم ما لا یضرک جهله ، ولا تغفلن عن علم ما یزید في جهلک ترکه ».
إنّ العلم الذي لا یوجد فیه ضرر ولا نفع، والذي یهدر الإنسان علیه وقته للتسلي والتلهي، ترکه یکون أفضل. لأنه مع هذا العمر القصیر والوقت القلیل, لا یستطیع الإنسان أن یکون جامعا لکل العلوم وحائزا علی جمیع الفضائل . فلیختر ما یکون أنفع في الدنیا والآخرة بما یناسب حاله !
قال النبي(ص):« من أخلص لله أربعین صباحا ، جرت ینابیع الحکمة من قلبه علی لسانه ».
إعلم بأنه لا یمکن إفشاء کل علم لکل أحد، لا سیما في باب المعارف، بل إنّ أسرار التوحید وحقائقه ، هي أسرارلا بد أن تکون مکتومة ومخزونة علی غیر أهلها .
فإذا ما ألقي إلیک بعض الأسرار فآکتمها.. تلک هي السنـّة التي من ربک . " إنّ صدور الأحرار، قبور الأسرار" !!
قال الإمام السجاد(ع):« إیاک أن تتکلم بما یسبق إلی القلوب إنکاره.. ».
قال الشاعر:
إني لأکتم من العلم جواهــــره..........کي لا یری العلم ذو جهل فیفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حســــــن..........إلی الحسین وأوصی قبله الحسنا
یا رُبّ جوهر علم لو أبوح بـه..........لقیل لي أنت ممن یعبد الوثنــــــا
ولآستحلّ رجال مسلمون دمي..........یرون أقبح ما یأتونه حسـنــــــــا
سئل الصادق(ع) عن علم الله فقال:« لم یزل الله عز وجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع والبصر ذاته ولا مبصر والقدرة ذاته ولا مقدور، فلما أحدث الأشیاء وکان المعلوم وقع العلم منه علی المعلوم والسمع علی المسموع والبصر علی المبصر والقدرة علی المقدور. قال السائل: فلم یزل الله متحرکا؟ قال(ع): تعالی الله عن ذلک، إنّ الحرکة صفة محدثة بالفعل. قلت: فلم یزل الله متکلما ؟ قال: إنّ الکلام صفة محدثة لیست بأزلیة، کان الله عز وجل ولا متکـلم ».
إنّ علم الله تعالی هو عین ذاته لا زائدا عن ذاته، وعلمه سبحانه بمخلوقاته في الأزل قبل إیجادها، کعلمه بها بعد إيجادها.
قال رسول الله(ص):« يؤتى بالعالم يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيطيف به أهل النار، فيقولون: ما لك ؟ فيقول: كنت آمر بالخير ولا آتيه وأنهى عن الشر وآتيه ».
وقال أيظا(ص):« إنّ أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه، وإنّ أشد أهل النار ندامة وحسرة ، رجل دعا عبدا إلى الله فاستجاب له وقبل منه ، فأطاع الله فأدخله الله الجنة ، وأدخل الداعي النار بتركه علمه واتباعه الهوى وطول الأمل ».
وقال الصادق(عليه السلام):« يغفر للجاهل سبعون ذنبا ، قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد ».
قال الله تعالی:{ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبیر} المجادلة ١١
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظیم.

ليست هناك تعليقات: